اداب الحوار فى الاسلام واهميته ؟| هدهد سلام

المحادثات يشكّل الحِوار ركنًا رئيسيًّا من أركان الدّعوة الإسلاميّة، فالدّعوة الإسلاميّة في الأساس لائحة على حوار المُخالفين وإقناعهم بالحجّة والمنطق والدّليل، وقد أتت الدّعوة الإسلاميّة في أساسها لتُعطي الحريّة لكل النّاس في اعتناق الإسلام فلا إجبار لأحد على هذا ما لم يقتنع اقتناعًا كاملًا، صرح تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)؛

حيث كان ديدن المسلمين على الدّوام هداية النّاس إلى الحقّ والصّراط المُستقيم بالحِكمة والموعظة الحسنة عقب أن يدخل نور الإسلام إلى قلوبهم فتنشرح له صدورهم.

 قد كانت للحِوار في الإسلام ضوابط وأحكام وآداب؛ فالحوار ينبغي أن يصبح مُمنهجاً بالحِكمة مُتّصفاً بالموعظة الحسنة، فلا ينبغي أن يصبح المحادثات أهوجاً دون دشن وقواعد وضوابط، وإلا انقلبت نتائجه ولم يؤت ثماره، كما يلزم أن يصبح المحادثات باستعمال الطريقة الحسن المُنمّق بعيدًا عن العُنف والتّخويف والتشكيك، أفاد تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)،

فما هي ضرورة المحادثات في الإسلام؟ وكيف يُمكن الوصول إلى المحادثات المنطقي المنظم؟ وما هي ضوابط المحادثات مع الآخر. توضيح مفهوم المحادثات الحِوار هو: التناقش بطريقِ الكَلام المُباشر بين زمرةٍ من الأشخاص الذين يُمثّلون اتجاهين متخالفين بأسلوبٍ هادئة يحترم فيها جميع طرفٍ الطرف المقابل له، دون التعصّب لرأيه أو جماعته،

 وتكون الغرض من المحادثات الوصول إلى الحقيقة عن طريق عرض الأفكار ووجهات النظر المتعدّدة،

 وهو ايضا يقصد: التعاون والتباحث بين طرفين مُختلفين بِغاية الوصول إلى حقيقةٍ مُعيّنةٍ ومَعرفتها والاطلاع على تفاصيلها، عقب أن يَكشِف جميعّ طرف ما يملك تجاه الآخر،
 استخدم القُرآن الكَريم لفظة المُجادلة بالحُسنى للإشارة إلى المحادثات البنّاء بين جماعتين أو فرقتين أو شخصين مختلفين، أفاد تعالى: (وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

أهميّة المحادثات في الإسلام أولى الإسلامُ مَوضوعَ المحادثات أهميّة فريدة، ويُراد بالحوار المناقشة الّذي يدور بين أفراد مُختلفين في فكرةٍ ما، أو في معتقدٍ وآخر؛ حيث إنّ نمط المحادثات وطريقته تنعكس على المُتحاورين إمّا سلباً أو إيجاباً، وتأتي أهميّة المحادثات وتبدو من عدّة أمور منها:المحادثات هو الطريق الأوحد الذي عن طريقه يتمّ الوصول إلى إقناع المُخالف بالفكرة الصحيحة، ومن خلاله يبلغ المتحاوران إلى قَلبي بعضهما حتّى الوصول إلى الحق. هو الطريقة الأفضل للتواصل والتفاهم والتخاطب بين الناس، فلا ينبغي أن يتعامل الناس بغير المحادثات البنّاء كفرض ما يشاهدونه من أفكار ومُعتقدات ومبادئ، وهو الكيفية الأفضل التي عن طريقها يتعارف الناس ويتآلفون.

 هو المنهج الأصوب لتفادي الحروب والكوارث؛ فلولا التحاور العقلاني لكثرت الحروب، واقتتل الناس في حين بينهم، ولهاجت إجراءاتُ الجاهلية، وحرب البسوس خير شاهدٍ على هذا، فبعد أن اقتتلت قبيلتا داحس والغبراء مدّة أربعين عام كاملة لم ينتجْ عنها سوى الدماء والقتل والتنكيل، فلّما جلَسوا للتحاور الهادئ أصلح الله بينهم، ولو جلسوا للحوار قبل بدء الحرب لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من القتال.

 معيشة الحجة: إنّ الغرض من الحِوار بالدرجة الأولى هي معيشة شعيرة الحجّة ودفع الشبهات وبيان الرأي التالف من الرأي الصائب، ويكون هذا بطريق الاستدلال الصحيح والاستشهاد بالشواهد المُناسبة حتى يتمكّن المتحاوران من الوصول إلى الحق، فغاية المحادثات الأولى ووظيفته المثلى هي توضيح الحق. الدعوة: إنّ المقصود الأعظم من المحادثات في الإسلام هو مناشدة المُخالف وإرشاده للصواب حتى يقتنع بعقله بمنطق الإسلام وصدقه، ويعتقد بطريق المحادثات الهادئ أنّه الصواب، فالحوار الهادئ هو مفتاح القلوب ومن خلاله يتوصّل إلى العقول وبه ترتاح النفوس وتقر، أفاد تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)،

 تقريب وجهات النظر: إنّ من أكثر أهميةِّ ثمرات المحادثات في الإسلام تضييق هوّة الخلاف بين المتحاورَين، وتقريب وجهات النظر بينهما حتى لا يوجد في صدورهما شيءٌ مقابلّ بعضهما؛ حيث يُمكن عن طريق المحادثات الهادئ الوصول إلى حلِّ وسطٍ يرضي كل المتحاورين ويُقنعهم إن كان الخلاف بين جماعتين أو شخصين في فكرة ما، وبالتحاور يُستبدل التباغض والتناحر إلى تحاببٍ وتواد. أماط اللثام الشبهات والردّ على الأباطيل: إنّ المحادثات السليم يوصل المُتحاورين إلى أماط اللثام ما يُلصق بالأفكار والمُعتقدات من شبهات وأباطيل اختلقها خصوم المَنطق لإرضاء رغباتهم، ممّا يوصل بالنتيجة إلى توضيح الحقّ وبيانه، وإبطال الباطل وإزهاقه.

 آداب المحادثات حتى يصبح المحادثات ناجحاً وعقلانيّاً ومنهجياً، يُثمر في قلوب وعقول من يستمع إليه ويتناقش عن طريقه لا بُدّ أن يحوي عدداً من الآداب والأمور التنظيميّة، منها: أن تصبح النيّة المعنية للمتحاورين من المحادثات الدائر بينهما الوصول للحقّ وإظهاره، لا توضيح ما يَعتقد به المتحاور بغضّ النظر عن كونه صائباً أم غير صائب، فلا يَنبغي أن ينبني التحاور على حبّ توضيح القدرات المعرفيّة كي يصل للسمعة، أو الرياء، أو يصبح الغاية من هذا مجرّد الجدال، أو إعلاء الباطل مع علمه ببطلانه. كان الشافعيُّ - رحمه الله - يقول: (ما ناظرتُ أحدًا قط على الغلبة، ووددتُ إذا ناظرتُ أحدًا أن يتضحَ الحقُّ على يديه)، وتحدث: (ما كلمتُ أحدًا قط سوى وددتُ أن يوفَّق ويسدد ويُعان ويكون عليه دفاع من الله وحفظ).

 التواضع ولين المنحى وحُسن الخُلق نحو طرح الفكرة المخالفة للآخر، ولذلك أثرٌ فعّالٌ على المُستمع والمتحاور؛ حيث إنّ الموحدّث إن انتقى كلماته وتحدّث بتواضع كان هذا أدعى للإنصات له والاهتمام بما يقول. أن يُتقن المُحاور فنّ الإنصات للآخر؛ فكما أنّ طريقته في الجديد تجذب الأسماع إليه، فكذلك حُسن استماعه لمن يحاوره يلزم أن يصبح جيّداً؛ فلا يَنبغي أن يصبح المحادثات من طرفٍ واحدٍ بحيث يستأثر هو بالكلام دون محاوره. العلم الكامل بما يُحاور فيه: فلا ينبغي للمحاور أن يتكلّم سوى بما يَعرف، وهذا شرطٌ هامٌ لنجاح المحادثات والوصول إلى الغرض منه، ودون العلم يُصبح المحادثات هشًّا لا استفادة منه ولا جدوى، لكن رُبّما ينقلب بالنّتيجة إلى عكس المرجو منه. ينبغي أن ينبني المحادثات على أدلّةٍ وبراهين منطقيّة وصحيحة حتّى يصبح ناجحاً ومنهجياً، وإلا كان مُجرّد خطابٍ لا نفيسة له ولا جدوى منه.

اسلام | هدهد | هدهد سلام | الدعوة | الدعوة الى الاسلام | مشروع هدهد | دعوة | مسلمون | مسلمون جدد | الدين الاسلامي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ما معنى الدعوة الى الله؟ | الدعوة الى الاسلام

ما هى اركان الاسلام ؟ | الدعوة الى الاسلام